قضيت عدة أيام أفكر في كيف أدعوك إلى العالم الأكثر
ثراءً بالنسبة لي، ألا وهو عالم المسرح لم يكن الأمر بهذه البساطة التي قد
تبدو في أول وهلة؛ لأني أردت أن تكون بطاقة الدعوة إلى هذا العالم مختلفة،
وبسيطة وتجذب اهتمامك.
كان من الطبيعي أن أبدأ
بالإجابة عن الأسئلة التقليدية.. ما هو المسرح؟ متى وأين بدأ؟ .. ولكني
فضلت أن أترك هذه الحقائق التاريخية لتأتي فيما بعد.. وفضلت أن أبدأ بسؤال
آخر ألا وهو .. لماذا المسرح؟ وبكلمات أخرى.. ماذا نريد من المسرح؟..
لم يكن هدفي مجرد دعوتك لهذا
العالم، ولكني أردت أن تعيش معي وتشاركني في أن نجني فوائد هذا العالم،
حينئذ.. عدت إلى ورقة قديمة كنت قد كتبتها منذ 4 سنوات.
إن المحتوى الأساسي "أو" الروح
في عالم المسرح هو المسرحية.. لذا فإن السؤال الأول هو ما هو المطلوب من
المسرحية التي نحن بصددها؟ وبكلمات أخرى علينا "نحن" أن نختار المسرحية
المناسبة لكي تفي بالمطلوب، وكلمة "نحن" تعني هؤلاء الناس الذين يعيشون هذا
العالم "عالم المسرح"، أي أنهم أعضاء جماعة المسرح( مؤلفون وممثلون
ومخرجون وفنيون و أحياناً الجمهور المتفرج المتفاعل نفسه )، إذن فمن واجب
كل عضو في هذه الجماعة أن يفكر في مقترحات أو رسائل تنقد بعض المظاهر
السلبية للمجتمع محاولاً تعديلها وواضعًا بعض الحلول لتلك المظاهر السلبية،
وإبراز المظاهر الإيجابية في العالم الذي نحيا فيه، وليس من الضروري أن
تكون تلك الرسائل والمقترحات معقدة فلسفيًّا بل بسيطة ومباشرة.
وكما أوضحت فإن الخطوة
الأولى.. وجود الفكرة.. ثم كتابتها بواسطة العضو، ثم تقدم إلى باقي
المجموعة لكي يتم مناقشتها.. ثم التصويت عليها وإقرار ما إذا كانت الفكرة
قابلة للتطوير أم لا.
واحتمالات تقديمها في مرحلة
متطورة للمجتمع والجمهور للاستفادة منها، على أن يتم التطوير بنفس الخطوات
السابقة، فكل عضو في الجماعة له الحق بأي أداة أو أسلوب يرى أنه قد يطور
هذه الفكرة.
وعلى هذا المنوال فتطور الفكرة
بالنقاش والتصويت والإضافة واستخدام الأساليب المناسبة، هذه الأساليب قد
تختلف أشكالها من نص مسرحي مكتوب سابقًا سواء أكان كلاسيكيًّا أو حديثًا أو
نصًّا أَعَدَّه العضو خصيصًا لهذه الفكرة.. أو استخدام "مسرح الحركة" أو
الموسيقى (كلاسيك أو حديث)..
ومع الزمن فإن الصورة تنمو
رويدًا رويدًا.. وقد يكون معدل النمو بطيئًا، لكني أثق أنه بالصبر والعقل
المتفتح فإن هذا الجهد يمكن أن ينتهي بـ "مسرحية".
إنني أثق بشدة أنه إذا كان
هناك مجتمع يهتم بعالمه، ويريد أن يعدل من أخطائه بدلاً من البحث عن مساعدة
زائفة من مجتمع خارجي، عليه أن يجد الوسائل المناسبة لكي يعدل هذه الأخطاء
وهذه الوسيلة هي المسرح… كانت تلك هي إجابتي "الغريبة" عن السؤال "الغريب"
(لماذا المسرح؟).